اضطر أحد الموظفين للعمل أكثر من 10 ساعات يومياً دون مقابل مادي إضافي، ما دفعه إلى رفع دعوى مكتب العمل. مستنداً إلى المادة 98 من نظام العمل السعودي، والتي تُعد من أهم المواد التي تنظّم عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية في المملكة، سواء في الأيام العادية أو خلال شهر رمضان المبارك.
وفي هذا المقال، نستعرض نص المادة 98، الفئات المستثناة منها، الفرق بين الساعات النظامية والإضافية، وآلية احتساب أجر الساعات الزائدة. إلى جانب توضيح حقوق العامل عند تجاوز ساعات العمل المحددة نظاماً.
نص المادة 98 من نظام العمل السعودي
تُعد المادة 98 من نظام العمل السعودي من المواد الجوهرية التي تُنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل من حيث عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية. بما يضمن عدم تعرّض العامل للإرهاق البدني أو النفسي، ويُحقق التوازن بين الإنتاجية وراحة الموظف.
وقد جاءت المادة بصياغة واضحة لتحديد عدد ساعات العمل حسب نظام مكتب العمل في الظروف العادية وفي شهر رمضان المبارك، على النحو التالي:
أولًا: في الأيام العادية
- إذا احتُسبت ساعات العمل بشكل يومي، فلا يجوز أن تزيد مدة عمل العامل عن ثماني (8) ساعات في اليوم الواحد.
- أما إذا كان الحساب أسبوعياً، فإن الحد الأقصى لساعات العمل يجب ألا يتجاوز ثمانٍ وأربعين (48) ساعة في الأسبوع.
ويُترك لصاحب العمل خيار اعتماد المعيار اليومي أو الأسبوعي، بشرط ألا يتم تجاوز الحدود النظامية، سواء بالحساب الإجمالي أو التفصيلي.
ثانياً: في شهر رمضان المبارك (للمسلمين)
- يتم تقليص عدد ساعات العمل الفعلية للمسلمين خلال الشهر الكريم إلى ست ساعات يومياً.
- أو ما لا يتجاوز ستاً وثلاثين ساعة أسبوعياً، سواء تم اعتماد معيار اليوم أو الأسبوع.
هذا التخفيض لا يُعتبر إجازة أو تقليصاً في المهام، بل هو التزام نظامي يُراعي الجوانب الروحية والصحية المرتبطة بالصيام. حيث يعاني العامل الصائم من تغيّرات في النمط الغذائي والنشاط البدني، ما قد يؤثر على كفاءته إن لم يُراعَ التوازن في تنظيم وقته وجهده.
الفئات المستثناة من تطبيق المادة 98
رغم أن المادة 98 من نظام العمل السعودي وضعت قاعدة عامة تحدد الحد الأقصى لساعات العمل اليومية والأسبوعية، إلا أن النظام أدرك أن طبيعة بعض الوظائف لا تتناسب مع تطبيق هذا التحديد الزمني
ولذا، نصّ النظام على إمكانية استثناء فئات محددة من هذه الأحكام، وفق ما تُحدده اللائحة التنفيذية الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وفيما يلي أبرز الفئات المستثناة من تطبيق أحكام المادة 98:
- شاغلو المناصب الإدارية العليا: ويقصد بهم أولئك الذين يشغلون مناصب إشرافية عليا داخل المنشأة، مثل:
- المديرين العامين والرؤساء التنفيذيين.
- من يُمثّلون صاحب العمل ويمارسون سلطاته الكاملة.
- من لا يخضعون لإشراف مباشر، أو لا يُراقب عليهم في تفاصيل الدوام اليومي.
- العاملون في الأعمال التكميلية أو التجهيزية: وهم العمال الذين يؤدون مهاماً لا يمكن إنجازها خلال الدوام الرسمي، مثل:
- عمال الصيانة الوقائية أو الطارئة.
- الفنيون المكلفون بإعداد المعدات قبل بدء التشغيل.
- فرق التنظيف والتعقيم التي تُكلف بعد انتهاء وقت الدوام.
- العاملون في الأعمال المتقطعة بطبيعتها: تضم هذه الفئة الوظائف التي تتخللها فترات توقف غير منتظمة، ومنها:
- الحرفيون في الورش الصغيرة.
- عمال التحميل والتفريغ في الموانئ أو المستودعات.
- العاملون في مواقع البناء التي تتطلب أحيانًا انتظار مواد أو تعليمات.
- عمال الحراسة والنظافة (باستثناء الحراس الأمنيين): يفرّق النظام بين نوعين من العاملين:
- الحراس الأمنيون المدنيون: يخضعون لأحكام نظام العمل الاعتيادية، بما في ذلك ساعات العمل.
- عمال الحراسة العامة أو النظافة: يُستثنون من المادة 98 نظراً لطبيعة مهامهم المتداولة على مدار اليوم.
- العمال في الورديات المتناوبة أو الأعمال الموسمية: وهم العاملون في قطاعات تعتمد على نظام الورديات أو النشاط الموسمي، مثل:
- موظفو الفنادق والمطاعم والمراكز الترفيهية.
- العاملون في مواسم الحج والفعاليات الوطنية أو الرياضية.
- العاملون في المصانع التي تعمل بنظام 24 ساعة أو بنظام الشفتات.
مقارنة بين ساعات العمل النظامية والإضافية
في إطار حرص المشرّع السعودي على تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، جاء نظام العمل ليرسم حدوداً واضحة لما يُعد وقتاً نظامياً للعمل، وما يتجاوزه ويُعد وقتاً إضافياً. هذا التمييز ليس مجرد مسألة إدارية، بل يمثل التزاماً نظامياً له تبعات مالية وتشغيلية يجب احترامها. والمقارنة على الشكل التالي:
- ساعات العمل النظامية هي ما نصّت عليه المادة 98 من نظام العمل، وتُمثل الحد الأعلى الذي يجوز تشغيل العامل فيه دون اعتبار ذلك عملاً إضافياً. وهي:
- في الأيام العادية: ثماني ساعات يومياً، أو ثمانٍ وأربعون ساعة أسبوعياً، بحسب طبيعة النظام المُتبع في المنشأة.
- في شهر رمضان المبارك، وللمسلمين فقط: يتم تخفيض هذه الساعات إلى ست ساعات يومياً، أو ستٍ وثلاثين ساعة أسبوعياً، مراعاة للظروف الخاصة بالصيام.
تُعد هذه الحدود إلزامية، ويُمنع تجاوزها دون مبرر نظامي، حفاظًا على التوازن بين الإنتاج ومتطلبات الراحة الجسدية والنفسية للعامل.
- ساعات العمل الإضافية حيثُ تُعتبر كل ساعة عمل تتجاوز الحدود المنصوص عليها في المادة 98 ساعة عمل إضافية. وتنظمها المادة 107 من النظام، والتي تلزم صاحب العمل بعدة أمور أهمها:
- تعويض العامل مالياً عن كل ساعة إضافية، بحيث يحصل على أجر الساعة العادية مضافاً إليه 50٪ من أجره الأساسي.
- لا يجوز تشغيل العامل وقتاً إضافياً دون موافقته، إلا في حالات الطوارئ أو الظروف الاستثنائية التي تهدد سلامة المنشأة أو الأفراد.
- لا يجوز استغلال العمل الإضافي بشكل دائم كبديل عن التوظيف الكافي أو كوسيلة لتقليل الأجور.
يتّضح من المقارنة بين الساعات النظامية والإضافية أن نظام العمل السعودي لا ينظر إلى الوقت من منظور تشغيلي فقط، بل من منظور حقوقي وإنساني. فالعامل الذي يُمنح أجراً إضافياً مقابل عمل زائد يشعر بالإنصاف، وهو ما يُعزز الرضا الوظيفي والاستقرار داخل بيئة العمل.
ولذا، يجب على كل صاحب عمل أن يُدرك أن تجاوز الساعات النظامية دون التقيّد بالمادة 107 يُعد مخالفة تُعرّضه للمساءلة. كما يجب على العامل أن يكون واعياً لحقوقه الزمنية والمالية ولكيفية حساب ساعات العمل الاضافي، ويُطالب بها عند الاقتضاء، مستنداً إلى ما كفله له النظام من حماية وتعويض.
حقوق العامل عند تجاوز ساعات العمل
انطلاقاً من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام العمل السعودي، فإن العامل لا يُعد أداة تشغيل مفتوحة بلا قيد، بل هو طرف أصيل في العلاقة التعاقدية. له حقوق لا يجوز المساس بها حتى عند تجاوز ساعات العمل النظامية.
ولهذا، أقر النظام جملة من الضمانات القانونية والمالية والتنظيمية لحماية العامل في حال تم تشغيله لساعات إضافية، سواء كان ذلك في الأيام العادية أو خلال العطل والإجازات الرسمية.
- الحق في أجر إضافي عن كل ساعة زائدة: يُعد هذا الحق من أهم وأوضح الحقوق التي أقرّها النظام. فكل ساعة عمل تتجاوز الحد المنصوص عليه في المادة 98 تُعد ساعة عمل إضافية.
- الحق في استبدال الأجر بإجازة مدفوعة، يجوز باتفاق بين العامل وصاحب العمل أن يتم استبدال الأجر المالي عن الساعات الإضافية بإجازة مدفوعة الأجر. على أن: يكون الاتفاق خطيّاً أو ثابتاً ضمن بنود عقد عمل.
- تعويض خاص عند العمل في الإجازات والعطل الرسمية إذا طُلب من العامل العمل خلال: الإجازات الأسبوعية (الجمعة/السبت)، أو الإجازات الرسمية (كاليوم الوطني، أو الأعياد)، أو الاجازة الاضطرارية في نظام العمل. فإنه يستحق أجراً إضافياً عن تلك الساعات.
- الحد الأعلى المسموح به للعمل الإضافي السنوي وفقاً للضوابط المعتمدة، لا يجوز تشغيل العامل لأكثر من 720 ساعة عمل إضافية في السنة الواحدة. إلا بقرار رسمي من الوزير المختص يُراعي طبيعة المنشأة وضروراتها التشغيلية.
وهذا السقف في حقوق العامل في نظام العمل السعودي يُوضع لضمان عدم استخدام العمل الإضافي كأداة دائمة لتقليل كلفة التوظيف أو التحايل على الحقوق.
الأسئلة الشائعة حول المادة 98 من نظام العمل السعودي
هل تشمل المادة 98 العمال الأجانب؟
نعم تشمل المادة 98 العمال الأجانب، وتسري على جميع العاملين (سعوديين وأجانب)، ما لم يكونوا ضمن الفئات المستثناة.
هل يجوز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات يومياً؟
نعم يجوز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات يومياً، بشرط ألا تتجاوز 12 ساعة في اليوم، وأن تُعوض الساعات الزائدة مالياً.
ختاماً نشكر لك زيارة مقالنا.
المادة 98 من نظام العمل السعودي والفئات المستثناة من تطبيقها.
فهم المادة 98 من نظام العمل السعودي وتطبيقها بدقة هو خطوة أساسية لضمان حقوق العامل وتحقيق بيئة عمل عادلة ومستقرة. وفي حال واجهت تجاوزاً أو انتهاكاً لحقوقك في ساعات العمل أو الأجور، فلا تتردد في طلب الاستشارة القانونية من أفضل محامي عمالي جدة. للتواصل معنا عبر البريد الإلكتروني أو الاتصال المباشر، عبر الرقم التالي: 00966566600220.
المصادر الرسمية: